الاثنين، 12 مارس 2012

بغداد القمة ... هل ستحرق اللات والعزى

بغداد القمة ... هل ستحرق اللات والعزى


بعد أن دفنت الشمس في بغداد لعقود طويلة واجتاحت الظلمات قلب العالم , أبى أبناء الرافدين إلا وأن تشرق شمسهم من جديد والتي ستفضح بإشعاع ضيائها كل أولئك المتصيدين بالظلام وقطاع الطرق , وستكشف عن زيف أرباب العروبة والمتاجرين بها ولتظهر حقيقة كفر الأعراب  .
فبعد مرور أكثر من عام على مفجر ثورة العرب البوعزيزي والذي كان الأولى به أن يحرق الطاغوت , ولكن شجاعته خذلته فراح ينفذ حكم الإعدام بشيطان الخوف الذي كان يستحكم في روحه وجسده فكان ذاك الجسد وتلك الروح ثمناً لهذه الثورة على الذات التي قبلت بالذل والهوان وارتضت الخضوع لطواغيت العرب مقابل ارتشاف أنفاس الحياة في وطن أصبح ملكاً لعوائل تتوارث الحكم مرة على شكله الرجعي العتيق بإطاره الملكي وجوهره التملكي  ومرة أخرى بشكله الجمهوري الاستبدادي الوراثي البغيض .
وهكذا بدأ بركان التغيير أو ما يسمى بالربيع العربي لتتفجر الأرض براكين ثائرة وزلازل هزت العروش فسقط بن علي هارباً وهو حسير , ليستمر تسو نامي الولادة العربية الجديدة ليغرق فرعون مصر وجنوده أصحاب الجمل .
وانتشر تطاير الشرر في كل مكان ليطيح بصدام ليبيا ولتولد حرية الشعب العربي الليبي بعملية جراحية ناتويه استنزفت الكثير من الدماء , وليستمر الطوفان ليضرب أقدم وأعتى الدكتاتوريات في العالم العربي , دكتاتوريات نصبت منذ العهد الاستعماري ومن قبل المستعمرين أنفسهم ولا تزال تمسك بزمام رقاب الملايين من أبناء تلك الشعوب المقهورة , فتفجرت شوارع البحرين والقطيف والإحساء ليدب الرعب في قلوب آل خليفة وآل سعود وبقية العوائل التي تشابهها من حيث مصادر التنصيب وطريقة العمل على سلب إرادة الشعوب وقهرها واستعبادها .
من هنا ومنذ أن فوجئت الأيدي الخفية التي تعبث في أركان الاستقرار العالمي وتسلب حق الشعوب في نيل حقوقها , بهروب بن علي حتى بدأت لعبتها في كل ما جرى من بعد هذا الهروب وبالتوافق مع المخططات المحسوبة مسبقة عن كيفية التعامل مع مثل هكذا أحداث .
فكانت هذه الأيدي تحرك بيادقها هنا وتسحبهم من هناك فكانت تدعم ثورات وتهين أخرى وتسقط دكتاتوريات وتعدل أخرى وبين هذه وتلك نراها تبث روح الحياة في ملكيات أصبح من العار على المجتمعات الإنسانية أن تقبلها في ظل التقدم الإنساني الهائل في أساليب وطرق الحكم الديمقراطي .
وفي ظل هذا كله كانت ولا تزال بغداد تعمل على انجاز ربيعها الذي ولد منذ مطلع تسعينات القرن الماضي مستبقة كل بلدان العالم العربي بأكثر من عشرين عاماً وهي تطوي الصفحة تلو الأخرى وتسحق مؤامرة تلو أخرى , ومن بين هذه الصفحات جاءت صفحة عقد القمة العربية في بغداد...
نعم فبعد أيام قليلة سيأتي إلى بغداد كل الحاكمين من ملوك معتقين ورؤساء منتخبين بنسبة التسعة والتسعين بالمائة كما هي عادتهم في الفوز المفضوح , ويرافقهم بعض الخدج الذين يركبون عرش الثورة وهم لا يزالون في الحواضن التي تختلف مصادر تغذيتها بين هذه وتلك وفقاً لأرضية الصراعات ومن يديرها .
يجتمع كل أولئك صاغرين في بغداد هذا العصر وبثوبها الجديد , فبغداد الرشيد التي كانت تجمعهم قبل أكثر من عشرين عاماً هي اليوم بغداد موسى ابن جعفر , وهذا ما يثير في نفوسهم البغض وفي قلوبهم الرعب .
فبغداد بعد أن خلعت عنها ثوب الطغاة هي اليوم ترتدي ثياب الثائرين والمقهورين والمقتولين ذبحاً والمغدورين سماً والمسحوقين في طوامير السجون .....
ومع كل هذا الزخم الثوري الذي تعتنقه بغداد وهي تتنفس أريج عاشوراء طالبتاً الإصلاح في امة العرب فهي تنتظر أن يطأ ترابها كل يزيديي العصر , وهذه مفارقة قد لا ترضي العاشورائيون الذين يرون أن في ذلك تدنيساً لطهر ثورتهم , وهي في الجانب الآخر لا ترضي آل يزيد لأنها تعني اعترافاً منهم بشرعية عاشوراء وإذعاناً وركوعاً لعلم ثورتها الذي يظلل ارض العالم ويطرز سمائه .
إذن ما هو المطلوب من حكومة بغداد في ظل هذا كله , وفي ظل استمرار المؤامرات الداخلية والخارجية والتي تحرك الكثير من لاعبيها في داخل الوطن كيفما تشاء ومتى ما تشاء ؟؟؟؟؟
وكيف لها أن تتصرف رغم أن خوارزمية حكم العراق تعد من أكثر خوارزميات العالم تعقيداً إن لم تكن الوحيدة التي لم تكتشف أسرارها حتى هذه اللحظة !!؟,
ومع كل هذا فاليوم بغداد أمام لحظة تاريخية لتجعل من أرضها المقدسة منطلقاً لبث روح الحياة في الربيع العربي من جديد ولتجتث بقايا الأدغال من ارض الثورة الخصبة .
نعم فلن تحتاج بغداد لتثبيت شرعيتها للعالم باجتماع أنظمة حكم فاقدة للشرعية على أرضها ومرفوضة من قبل شعوبها , بل هم اليوم أحوج إلى كسب شرعية استمرارهم في السلطة , لذا على بغداد أن تكون منطلقاً لإعلان وفاة هذه الدكتاتوريات الاستبدادية بكل ما فيها من رجس الشيطان ونفاق العربان وكفر أعرابهم.
فهل سنرى مشروع عراقي جريء يقض مضاجع الشياطين ويملئ أفواههم بحجارة من سجيل ؟
هل سنرى قراراً عربياً من قمة بغداد يفرض الديمقراطية على كل بلدان العالم العربي بحيث يصبح النظام الديمقراطي أساساً وشرطاً لبقاء عضوية هذه الدول في إطار هذه الجامعة ؟؟؟
وهل ستنجح بغداد بتمرير هذا القرار الذي سيقطع الطريق على المتاجرين بدماء الشعب السوري ويقلب الطاولة على المتآمرين على ثورة الشعب البحريني المظلوم ؟
وليس هذا وحسب بل إنّ مثل هكذا قرار سيبث الروح في الجماهير العربية لضخ الكثير من الدماء من اجل أن تنمو أشجار حريتهم التي يأملون أن يقطفوا ثمارها من بغدادهم الثائرة المنصورة .
نعم فبغداد إن أنجبت مثل هكذا قرار فإنها  ستخلد كمفجرة لثورات العرب في العصر الحديث وستكون قد دقت أولى الركائز في مشروع تحرير القدس والذي تخاذل عن تحريره كل الطواغيت المدحورين .
فبيت المقدس لا يمكن أن تحرره شعوب مستعبدة من قبل ملوك ودكتاتوريات عاتية وفاسدة تعتاش على دماء الناس , فطريق القدس يمر عبر إسقاط ما تبقى من عروش خاوية نخرة وبقرار ثوري جريء يؤسس لولادة وقيام دول عربية ديمقراطية حديثة يكون الحكم فيها للشعب والسلطة العليا للشعب وبإشراف أممي على تنفيذ متطلبات تطبيق هذا القرار وفي فترة زمنية محددة بحيث لا تتجاوز السنة في أسوء الأحوال .
وان لم تتمكن بغداد من تحقيق ذلك في قمتها الموعودة فما عليها إلا أن تعلن عن كفرها بجامعة الأعراب , بل عليها أن تئودها في قعر القمامة , ولتتطهر من كل هذه الأوثان التي جاءت تستجدي شرعية بقائها متسلطةً على أعناق الشعوب المسلوبة الإرادة .
وعليها أن تركل كل أولئك اللقطاء إلى ما وراء الحدود ,ولنمزق راية جامعتهم , فلا حاجة لنا براية خرقة بالية كل من هم في ظلها منافقون وفي الغواية راغبون ولشعوبهم قامعون وغداً نراهم في جهنم مقمحون خالدون.
ولننتصر لدمائنا الزكية الطيبة ولنشعل شمس حريتنا وليعلوا لهيبها مضيئاً دروب الثائرين ومحرقاً كل الطغاة .   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق