الأحد، 26 ديسمبر 2010

البرزاني وحق تدمير المصير

البرزاني وحق تدمير المصير

منذ أن قامت جمهورية مهاباد والتي لم تدم إلا شهوراً وحتى يومنا هذا ظل الشعب الكردي يحلم بدولته المستقلة والتي بذل في سبيلها آلاف الأرواح من خيرة شبابه بل ومن عامة الشعب شيوخ ونساء وأطفال
هذا الحلم الذي عبر عنه السيد مسعود البرزاني وبشكل صريح في مؤتمر حزبه الأخير وبحضور مئات السياسيين العراقيين وبلا تردد أو خوف وعلى ما يبدو أن قضية منح جنوب السودان حق تقرير المصير والدعم الدولي الكبير لهذا الحق بل والتكفل بحمايته قد شجع السيد مسعود على هذا الطرح وفي هذا الوقت
ولكن اعتقد إن السيد البرزاني قد اخطأ كثيراً في هذه المقاربة
نعم فشمال العراق ليس كجنوب السودان , فالجنوبيون لن ينفصلوا على أساس عرقي بل إن انفصالهم إذا ما تم فهو على أساس ديني حيث أنهم من نفس الدين الذي تؤمن به اغلب الدول المؤثرة في القرار العالمي إن لم يكن كلها وهي الدول الداعمة لمشروع الانفصال خاصة وان الانفصال سوف يكون عن دولة مسلمة وكبيرة ولها ولاءات وارتباطات لا ترضي هذه الدول بأي حال من الأحوال
كذلك فان الدول الإفريقية المحيطة بالسودان لن تتأثر سلباً من هذا الانفصال المتوقع بل على العكس تماماً حيث أنها سوف تكون مستفيدة منه بشكل أو بآخر , سوى مصر حيث أن مشكلة تقاسم مياه النيل سوف تكون أكثر تعقيداً ولكن ولحسن حظ الجنوبيين فأن مصر لا تملك حدود مع دولة الجنوب السوداني والتي هي في طريقها إلى الولادة
أما بالنسبة لأكراد العراق فان انفصالهم إذا ما تم فانه سيكون على أساس عرقي وهذا سوف يثير مشاكل كبيرة في منطقة تمتد على نطاق أربع دول كبيرة وخاصة تركيا والتي تتمتع بعلاقات دولية واسعة وإيران التي لا ولم ولن تسمح بولادة مثل هذا الجنين على ارض العراق مهما كلفها الأمر وهي التي تحتضن رفات الوليد السابق للأكراد بين طيات ترابها
هذا فضلاً عن أن الأكراد ليس لهم ذلك الوزن الدولي على ساحة الأحداث العالمية حيث إن الاهتمام الأمريكي بهم كان في حدود قضية تصفية طاغية العراق السابق والتي لم يعد لها وجود الآن
ولا توجد دولة ممكن أن تهتم وتدعم مثل هذا التوجه لدى الأكراد سوى إسرائيل وهذا بدوره يضيف دافع آخر لسوريا وتركيا وإيران لسحق هذه الدولة في حال نشوئها
كل هذا لا يثير العجب بل ما يثير العجب هو عدم إدراك القادة الكرد للوضع العالمي بل ويعملون ليل نهار من اجل الدفع بحياة أبنائهم ومستقبلهم إلى الجحيم لا لشيء بل لمجرد تحقيق أحلام شخصية وصناعة مجد شخصي حتى وان كان على حساب الملايين من أبناء جلدتهم
نعم أحلام شخصية وليست أحلام شعب لان الذي يطالب باستقلال الشعب الكردي اليوم هو نفسه الذي وضع يده بيد الشيطان في عام (1996) لإبادة أبناء شعبه من اجل منافع شخصية وسلطوية فإذا كان الشعب الكردي سريع النسيان فان التاريخ لن يمحى بمرور السنين والأيام
ثم العجب كل العجب من ساسة العراق , مالكم لا تفقهون فماذا جنا العراق من الأكراد غير المشاكل والحروب وهنا أنا لا اتهم الإخوة الكرد بإشعال هذه الحروب ولكن أهل العراق يشاركون الكرد في دفع ضريبة الأحلام الكردية وبغض النضر عن مشروعيتها
فلماذا إذن نتمسك بهم وهم الذين يستنزفون خيراتنا وبما نسبته 17% من ميزانية البلاد السنوية هذا سوى مرتبات البرلمانيين الكرد ومصاريف الرئاسة المليارية
فلا ادري أي فائدة تجنيها البلاد من إبقاء ولد عاق في بيت العائلة العراقية رغم إشهار عقوقه كل يوم
نعم فلا يوجد شيء مقدس فلم تنزل بخارطة العراق آية محكمة في كتاب الله العزيز
إذن المطلوب هو أن نتبرأ ممن يرفض أبوية العراق بدلاً من أن نبقيه يمتص من دماءنا ويأكل من لحمنا لينمو ويكبر فلما يبلغ أشده سوف يركلنا جانباً ويذهب إلى حيث يريد
فلابد من وضع حد لهذه المهزلة فمن شاء أن يبقى مع العراق فليبقى على الرحب والسعه ومن أراد أن يمضي وحيداً فإلى حيث
فنحن لسنا بحاجة إلى العاقين
وأنا على يقين أن هذا الحلم إذا ما شاءت الأقدار وتحقق فلن يطول به الزمان حتى
تهب عليه الرياح والأعاصير من حيث يعلم ومن حيث لا يعلم وعندها سوف يعود خائباً ذليلاً يتوسل العودة إلى أحظان عائلته التي وهبته الحياة
وفي ذلك الحين سوف يكون لنا كلام آخر مع هذا الولد فيما لو بقي حياً لكي يعود .