الجمعة، 10 يناير 2014

قرارك ... مصيرك

في الوقت الذي كان يجد نفسه يد الدولة الضاربة وسط جموع من الناس تسمع له وتطيع , وجوائز الامير تمني القلب وتشعله ولهاً اليها . مع كل هذا لم يقبل لنفسه بهذا الخيار . بل كانت عينه تذهب الى ابعد من ذلك . كانت تخترق حتى تتغلغل في عوالم الوجود , لتحيط بها علماً ورغبه في ذات الوقت . فصار يجمع المعلومات من ملفات الذاكرة المرصوفة في خلايا المخ . واستنهض ذلك النبي المخبوء في جمجمة الرأس , ليقرأ ويحلل كل الخيارات المتاحة لنيل المراد . ومع ايقاظ قوة الارادة وتفجيرها . اتخذ قراره .. ليصنع مصيره الابدي . ذلك القرار الذي جعل مجده لا يزول , وفاز بالرضوان الاكبر , وصار مدرسة في فن صناعة واتخاذ القرارات المصيرية والصعبة , لينال كرامة من عند الله , ما نالها إلا ذو حظ عظيم . نعم انه الحر بن يزيد الرياحي . 
وهكذا نحن في حياة نعيشها لمرة واحدة , باتجاه واحد , لا يقبل الانعكاس , ولا الرجوع أو التراجع , ولا حتى التباطؤ . فعجلة الزمان تدور , ونحن امامنا الخيارات لا تزال متاحة مادام غدٍ لم يأت بعد . ولكن ان اتى فستكون قد سقطت الكثير من الخيارات . ولكن انتبه فقد تكون هناك خيارات جديدة قد ولدت في عالمك . فلا تقل أني لا اعلم ؛ فالعلم متاح , ولك أن تتعلم . ولا تقل أني لا اقدر ؛ فالوسائل متاحة إن ادركت أنها تحيط بك . ولا تقل ان الناس قد اوجدوا كل شيء يمكن ان يوجد ؛ فالعقول التي اوجدت ما هو موجود لا تزال تعمل كل يوم في ايجاد ما هو افضل مما اوجدته بالأمس . 
اعمل على البحث عن كل الخيارات ولا تيأس فاليأس أول الموت . فالبدائل موجودة بقربك دوماً ولكن قد لا تلتفت اليها , لان شيطان اليأس أو شيطان الضعف والخوف يمنعانك عنها . فاعمل بقول اميرك علي ابن ابي طالب عليه السلام , حين قال إن خفت امراً فقع فيه . لان تجربة ما تخاف منه , اهون من العيش في ظل الخوف من الوقوع فيه . 
ابحث عن نقاط قوتك , وأركز بناءك عليها , ولا تستهين بذاتك , فأنت صناعة عزيز مقتدر . وحينها ستجد الكثير من البدائل متاحة لبناء حياتك , وتشعلها مجداً , وتكتب تاريخاً تعتز به امتك التي ستتخذ منك مثالاً عظيما. 
نعم جد الكثير من الخيارات , واصنع قرارك . واجعل نظرك بعيداً في عواقب ما سيترتب على تلك الخيارات , لأنك ستصل الى تلك العواقب في نهاية الامر . فاعمل على ان تكون الى خير . وتحلى بقوة الايمان .. من كان مع الله كان الله معه . والله لا يخيب ظن العبد به . فأحسن الظن بربك , انه معك , وما خلقك ليذلك , بل ليجعل منك نجماً في سماء الملك والملكوت , ولكن ترك ارادة ذلك اليك . 
اذن انه قرارك ... ولا تقل لولا , فلكل لولا بابين من الحلول , ( ان مع العسر يسرى إن مع العسر يسرى ) ربك جعل مع كل عسر تصنعه اوهام الشيطان , يسرين من تحف الرحمة الالهية . فلا تبقى تراوح مكانك . انطلق واصنع المصير . ولكن لا تنسى أن تتسلح بالمعرفة , فالمعرفة هي دليلك لإيجاد الطريق الى الله . فان وصلت اليه ستكون قد حصدت كل الفضائل , وطاولت ذرى المجد , وستكون قد احطت بفضاءات السعادة , بل ستكون مصدر انوارها . وتذكر دائما ً انك صناعة الله الرب العظيم الذي يده فوق كل شيء وبيده كل شيء . ففجر قوة الجبروت الالهي المكتنز فيك لتصنع قرارك وتبني مصيرك المشرق .